هل يجب حفظ سر التصميم او النموذج قبل التسجيل حتي تتمتع بالحماية القانونية ؟

هل يشترط في التصميم او النموذج أن يحتفظ صاحبه بسره الي ان يتم التسجيل حتي يتمتع بالحماية القانونية ؟ يقصد بهذا التساؤل في الواقع معرفة ما إذا كان المشرع يشترط، كما هو الحال بالنسبة لبراءات الاختراع، أن يحتفظ صاحب التصميم او النموذج بسره وعدم إباحته قبل تقديم طلب التسجيل، أم لا يتطلب ذلك. لقد اختلفت الآراء في هذا الخصوص في ظل قانون 132/1949، فكان البعض يري كما هو الشأن في الاختراع أن يحتفظ صاحب التصميم او النموذج بسريته إلي أن يتم تسجيله ، وهي الجدة الخارجية ENOUVEAUT EXTERIEURE ، فإذا أذاعه صاحبه قبل التسجيل، فقد أفصح عن رغبته في التخلي عن حقوقه الخاصة عليه، فيصير التصميم او النموذج والحال كذلك من الأموال المباحة، ويجوز لكل شخص تقليده واستعماله دون أن يتعرض لعقوبة ما، وإذا لم يكن من شان الإدارة المكلفة بإجراء التسجيل البحث في امر جدة التصميم او النموذج ( وإنما لها التأكد فقط من توافر الشروط الشكلية ) فإن تسجيل التصميم بعد إذاعته ، لا يمنع ذوي المصلحة من طلب بطلانه علي اساس عدم الجدة. وأخذت محكمة النقض هذا الاتجاه وقضت بان إذاعة النموذج قبل تسجيله في محيط التجار والصناع يفقده عنصر الجدة ويجيز لكل شخص أن يقلده أو يستعمله. وكان يري البعض الآخر أنه على عكس الاختراعات، لا يشترط احتفاظ صاحب التصميم او النموذج بسره وعدم إذاعته قبل التسجيل حتى يتمتع بالحماية القانونية، فعلاوة على أن نص المادة (46) من قانون 132/1949 لم يتطلب توافر هذه الجدة الذاتية فإن قياس التصميمات والنماذج الصناعية علي الاختراعات هو قياس مع الفارق، ذلك أن فرض المشرع عدم إذاعة المخترع سر اختراعه كشرط لمنح البراءة يبرره رغبة المشرع في أن يدفع المخترع إلي الكشف عن الاختراع للمجتمع فتمنح البراءة عند الكشف عن سر الاختراع عند تقديم طلب البراءة. فإذا كان المخترع قد سبق وأذاع اختراعه فلا حاجة إلى منحه براءة اختراع ويصبح استغلال الاختراع أمراً مباحاً، أما التصميمات والنماذج الصناعية فإنها تتعلق بمجرد المنظر الخارجي للمنتجات ولا مصلحة للمجتمع في أن يذاع التصميم او ان يحتفظ به صاحبه سراً، فإذا نشر التصميم قبل تسجيله فإن ملكيته لا تسقط ولا يعد شيئاً مباحاً، فلا يجوز لمنافس استعماله على المنتجات، وتبقي ملكية التصميم الصناعي لصاحبه، خاصة متي كانت له قيمة فنية ذاتية فلا تزول تلك الملكية ولو استعمل التصميم علي المنتجات قبل تسجيله. وكنا نري مع الراي الثاني انه لا يشترط أن يحتفظ صاحب التصميم او النموذج بسريته حتى يتمتع بالحماية القانونية، فعلاوة على عدم اشتراط المشرع المصري ذلك صراحة كما فعل بالنسبة للاختراعات فإن طبيعة كل منهما تختلف عن الآخر، فالحكمة التي من اجلها اشترط المشرع احتفاظ المخترع بسر اختراعه حتى يتقدم بطلبه للحصول علي البراءة هو حث المخترع علي الكشف عن سر اختراعه للمجتمع، فإذا كان قد افشاه قبل ذلك فليس ثمة داع لمنحه البراءة ويصبح الاختراع مباحا للجميع وان هذه الصفة غير متوافرة في حالة التصميمات والنماذج الصناعية حيث أنها تتعلق بالمنظر الخارجي للمنتجات. وكان الرأي مستقراً في هذا الخصوص على ان مجرد عرض النموذج أو التصميم للبيع أو سرقته او تسجيله من غير ملاكه لا يفتقد التصميم أو النموذج الصناعي عنصر جدته ويستطيع صاحبه تقديم طلب تسجيله. وكان بناء على ذلك يمكن لصاحب التصميم او النموذج أن يتقدم بطلب التسجيل إلى الإدارة المختصة دون أن يرفض طلبه علي اساس سبق إذاعته سر التصميم او النموذج، كما وان النشر عن التصميمات او النماذج قبل تسجيلها او الإعلان عنها لم يكن يترتب عليه سقوط ملكيتها واعتبارها من الأموال المباحة كما هو الحال بالنسبة للاختراعات. بل على العكس تظل مملوكة لصاحبها، إلا أنه لم يكن يستطيع المطالبة بالحماية القانونية الخاصة وفقاً للقانون إلا بعد تسجيلها. ولذلك لم يكن يعتبر تسجيل التصميم او النموذج في ظل قانون 132/1949 الملغي منشئاً لحق صاحبه، فإذا كانت البراءة منشئة لحل المخترع في احتكار استغلال اختراعه، فإن ملكية التصميم او النموذج كانت تثبت لصاحبه بمجرد ابتكاره وليس من تاريخ تقديم الطلب. كما وانه كان يحتكر استغلال التصميم او النموذج بمجرد ابتكاره، وما التسجيل إلا قرينة على أن من قام به هو مالك التصميم او النموذج، إلا أنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، كما وانه كان يترتب علي التسجيل الحماية القانونية الخاصة. وكانت المادة (46) من القانون الملغي تعتبر صاحب التصميم او النموذج مالكاً قبل التسجيل حيث كانت تنص على أن لكل ذي شان أن يطلب من محكمة القضاء الإداري شطب التسجيل إذا لم يتضمن التصميم او النموذج ابتكاراً جديداً، أو إذا تم التسجيل بإسم شخص غير المالك الحقيقي للتصميم او النموذج. وبذلك فإن المشرع كان يعتبر صاحب التصميم او النموذج مالكاً له حتى قبل التسجيل. وعلي مصلحة التسجيل شطب القيد إذا قدم لها حكم نهائي بذلك.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *